كتب/ صلاح عبدالله

السبت09/03/2024

 

 

تعمل التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل تجربة السفر وتحديد إطار جديد لعصر السفر القادم

تقدم التكنولوجيا، بأدواتها الجديدة فرصاً تاريخية وإغراءات لا يمكن تصورها لتوسيع نطاق تأثيرها من حيث سرعة الانتشار والنمو

بعد سلسلة من التطورات المتتالية في عالم الطيران التي جعلت من السفر الجوي البشري واقعاً حسياً يتجه المسافرون الآن إلى قطاع الطيران مما يرفع سقف التوقعات في عالم يهيمن عليه الذكاء الاصطناعي. إن قصة السفر بحد ذاتها هي فصل من فصول كتاب التطورات التكنولوجية وعلى الرغم من أن القفزات التي تحققت في هذا المجال كانت نتيجة اختراعات متتالية ساهمت مع مرور الوقت في جعل السفر الجوي أكثر راحة وأقصر وأقل ضجيجاً إلا أن النتائج لا تزال غير مرضية مقارنة بحجم التطورات الحالية.

Nermin2.png.

تحاول شركات الطيران الاقتراب من توقعات العملاء واستعادة الثقة من خلال تجارب جديدة (Unsplash)

يسلط تقرير خاص نشرته مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو بالتعاون مع شركة ماكنزي الضوء على أن التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي وخاصة التوليدي منها لديه القدرة على إعادة تشكيل الصناعة بأكملها حيث تستعد صناعة السفر للنمو المتسارع واستعادة حصتها التاريخية من الناتج المحلي الإجمالي ويرى التقرير أن قطاع السفر مهيأ للنمو بمعدل 5.8% سنوياً . بالاستفادة من عوامل مثل استمرار انتعاش قطاع سفر الأعمال ورغبة العملاء في الحصول على تجارب فريدة من نوعها واستخدام الشركات للأدوات التكنولوجية الحالية وابتكارها لطريقة تواصلها مع العملاء وتطوير المنتجات والخدمات وتمكين الموظفين للاستحواذ على حصة من معدل النمو المتوقع في الصناعة وقد حان الوقت لتطوير هذه الصناعة.

توقعات الأعمال والعملاء

يرى المراقبون أنه إذا ما تم قياس حجم الارتباط بين التكنولوجيا والقطاع فإن أي خطوة تطويرية تتخذها شركات السفر في هذا الوقت ستصب في صالحها. من ناحية أخرى سيكون أكبر الخاسرين هي تلك الشركات التي اختارت عدم التطوير حيث سيتعين عليها أن تخوض هذه التجربة الانتقالية التي يقودها الذكاء الاصطناعي وأدواته.

إذا كانت الشركات قد تجاهلت مطالب المسافرين في الماضي فسيتعين عليها الآن اتباع نهج جديد في إدارة عملياتها وتطوير المنتجات والخدمات والتعامل مع عملائها ككل.

تنبع أهمية استخدام التكنولوجيا لسد الفجوة بين توقعات المسافرين والواقع من إدراك أن التحول الرقمي اليوم مرتبط بالتوقعات المتزايدة للأفراد الباحثين عن الخدمات بشكل عام وقطاع السفر بشكل خاص.

وفقًا لورقة بحثية نُشرت في عام 2021 بعد مرور عام على جائحة كوفيد-19 تظهر مفارقة واتجاه مقلق من الاستطلاعات وتحليلات رضا العملاء: من المدهش أن العملاء أكثر رضا عن تجربة سفرهم مقارنة بما قبل جائحة كوفيد-19 ولكن هذا الرضا قد انخفض 19 ويرافق هذا الرضا زيادة في المشاعر والشكاوى السلبية تجاه شركات الطيران وخدماتها التشغيلية وخدمات الفنادق. وبالنظر إلى التناقض الواضح بين الأداء والرضا قد يكون الوضع الفعلي هو أن المسافرين بغرض الترفيه راضون عن السفر بعد عام من الإقامة في بلدانهم الأصلية وغضوا الطرف مؤقتاً عن مشاكل الخدمة. ومع ذلك مع ارتفاع عدد المسافرين وعودة ظهور المسافرين من رجال الأعمال قد تكون هناك موجة من عدم رضا العملاء إلى جانب ارتفاع توقعات العملاء. وفقاً لأبحاث ماكنزي للمستهلكين أشار ما يقرب من ثلث المستهلكين إلى عزمهم الإنفاق على السفر في الأشهر القليلة الأولى من العام. شرائح العملاء

يسلط التقرير الضوء على أنه على الرغم من تزايد حجم وتنوع بيانات العملاء إلا أن شركات الطيران لا تزال تواجه صعوبة في إنشاء شرائح العملاء. وتتطلب هذه البيانات أساليب معالجة أكثر تطوراً توفر للشركات صورة شاملة عن عملائها من خلال تجميع العملاء في شرائح بناءً على تصنيفات محددة. ويمكنها بعد ذلك تحديد كيفية التواصل مع العملاء وفقًا للشرائح المختلفة وتقديم الخدمات المناسبة لكل منها وفقًا للمعلومات التي تم جمعها وتعيين نقاط الاتصال وفقًا لاحتياجات العملاء وتفضيلاتهم وسلوكهم مما يؤدي إلى تجربة عملاء شاملة تتماشى مع السياق المختار يمكن القيام بذلك بعدة طرق.

 

يعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع عملية تطوير الأدوية وتغيير المعادلة.

555341

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير المعادلة من خلال تسريع تطوير الأدوية 555341

سينقسم مطورو الذكاء الاصطناعي وتصبح البشرية مختبرًا لهم

تحاول الشركات باستمرار التأكد من أن الخدمات التي تقدمها تتماشى مع توقعات العملاء. وبمرور الوقت تتماشى هذه العروض مع هذه التوقعات المتغيرة والمتنامية مما يمكّنها من جهة من الاقتراب من توقعات العملاء ومن جهة أخرى إعادة بناء الثقة من خلال تجارب جديدة تجعل العملاء يشعرون بأن الشركة تهتم بهم وتلتزم براحتهم وتمكينهم من ذلك. والأهم من ذلك أنها تصحح الأخطاء وتعالجها باستمرار وتقدم التعويضات والبدائل والحلول لعملاء محددين تماماً كما يحدث في السفر نفسه في البشر. وبذلك يشعر العملاء بأن هناك من يعتني بهم شخصياً يتزايد الطلب على مستوى أعلى من الأمان والموثوقية والاهتمام. بدءاً من الوصول إلى المطار والتعامل مع الموظفين مروراً بطاقم الطائرة وشكل المعاملة التي يقدمونها وصولاً إلى شعور العميل بأن هناك من يهتم بسلامته أولاً وراحته ورفاهيته ثانياً وأن طلباته ملبّاة وتجاوز توقعاته فالهدف الرئيسي للشركة هو ضمان حصول العميل على الشعور بأنها تجربة شاملة ومرضية.

الفرص التاريخية

بينما تقدم التكنولوجيا فرصاً تاريخية وإغراءات لا يمكن تخيلها يمكن للذكاء الاصطناعي أن يأخذ شكل مساعدين رقميين يتفاعلون مع العملاء طوال رحلتهم ويقدمون توصيات مخصصة بناءً على تفضيلاتهم أثناء الرحلة ويساعدون في حل المشاكل غير المتوقعة. ومع ذلك فإن الذكاء الاصطناعي ليس سوى جزء من الحل. يمكن للتقنيات الرقمية الحالية أيضاً أن تساعد الشركات على الوفاء بالوعود التي تقدمها للعملاء مما يتيح للموظفين تقديم خدمة أفضل وجهاً لوجه وبناء علاقات من خلال التفاعل المباشر بين الأشخاص.

على سبيل المثال يمكن للفنادق زيادة رضا العملاء وتقليل نقاط الاحتكاك من خلال دمج تطبيقات النزلاء وتسجيل الوصول الرقمي ومفاتيح الغرف الرقمية والتكنولوجيا داخل الغرف بسلاسة.

تواجه صناعة السفر اليوم قيوداً هيكلية على القوى العاملة وارتفاع معدل دوران الموظفين مما يجعل من الصعب جذب أفضل المواهب وتطويرها والاحتفاظ بها. وفي الوقت نفسه تعتمد على الخبرة البشرية والتقنيات القديمة مثل الشاشات الخضراء والواجهات البدائية. على سبيل المثال تسمح نماذج المحاكاة المتقدمة مثل التوأمة الرقمية للشركات بإجراء تحليلات “ماذا لو” وتوفير التوجيه في الوقت الحقيقي للميدان.

ووفقاً لأبحاث ماكنزي تعمل التقنيات الجديدة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي على تقليل وقت تدريب الموظفين الجدد وفي الوقت نفسه رفع مستوى مهارات الموظفين الحاليين مثل استخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز لمحاكاة سيناريوهات الحياة الواقعية وتمكين موظفي الخطوط الأمامية من التعامل مع العالم الحقيقي تعمل الشركة على ترقية القوى العاملة لديها بسرعة.